من أكثر الوصفات التي طُلبت مني من قِبل زوّار فتوش و زوّار مدونتي الإنجليزية (www.dish-away.com) هي وصفة العجينة. البعض طلب وصفة عجينة البيتزا، والبعض وصفة عجينة الفطائر، والبعض وصفة عجينة المعجنات، والبعض وصفة السينابون. وقبل أسبوع، قمت باستفتاء على صفحة الفيسبوك، والوصفة التي طُلبت أكثر شيء كانت العجينة وكيفية عمل العجينة. وفعلاً بدأت، منذ مدة، بالتحضير لنشر وصفة وطريقة عمل العجينة. وبالعجينة أعني عجينة الخميرة.
عجينة الخميرة هي العجينة التي ترتفع أو تنتفخ لأن بها خميرة. وتستخدم عجينة الخميرة لإعداد الخبز، والبيتزا، والعديد من الفطائر والمعجنات. أنا عندي وصفتان أعتمدهما لعجينة الخميرة واستخدمهما في أكثر الأحيان.
خلال فترة تحضيري لكتابة وصفة العجينة بدأت أتذكر الصعوبات التي واجهتها خلال الفترات الأولى من تعلمي الطبخ ومحاولاتي لعمل العجينة عندما كنت أريد تحضير البيتزا أو الفطائر أو المعجنات.
ما هي الصعوبات التي واجهتها؟ نفسها التي يواجهها أغلب الناس في بداية مشوارهم لتعلم الطبخ والخبز! نفس الصعوبات التي أشعلت فتيلة الرهبة من العجينة وتحضير العجينة في نفوس العديد من النساء!
أتذكر أن إحدى أكثر الأمور التي كانت تٌحيرني في ذلك الوقت، هو سبب نجاح الوصفة معي تارةً وفشلها تارةً، مع أن وصفة العجينة نفسها! كنت دائما أعزي سبب فشل العجينة إلى سوء الوصفة، وأبدأ رحلة البحث عن وصفة بديلة. أخذني سنوات لمعرفة المشكلة والأسباب التي كانت تؤدي إلى عدم نجاح العجينة معي أحياناً. وخلال السنوات تعلمت الكثير من الصديقات والأقارب والكتب عن الطرق والتقنيات التي يجب إتباعها للحصول على عجينة هشة وطرية كالتي أريدها. وحتى الآن أتعلم شيئا جديداً كلّ يوم.
الشهر الفائت بينما كنت أتصفح كتاب ابنتي "الغذاء والتغذية" لاحظت أنه لديهم درس كامل عن العجينة وبالتحديد عجينة الخميرة! المنهجية التي استخدمها الكتاب لتعليم الطلاب كيفية تحضير عجينة الخُبز أو عجينة البيتزا أو المعجنات هي بسرد مكونات العجين وشرح أهمية كل عنصر ودوره في عملية العجن والخبز. بعدها سردَ بعض الطرق والتقنيات الذي ينصح بإتباعها خلال تحضير العجينة.
أحببت الدرس كثيراً وأتذكر كم تمنيت وأنا أقرأه لو كانت هذه المعلومات متوفرة لدي عندما بدأت أتعلم تحضير عجينة البيتزا وعجينة الفطائر والمعجنات. لكم كن وفر عليّ وقتاً وجهداً! عندها قررت أنه قبل أن أنشر وصفتين العجينة المفضلتين لدي، سأكتب مقالاً مكوناً من جزئين يغطي أساسيات عجينة الخميرة. الجزء الأول، وهو مقالة اليوم، يشمل:
مكونات عجينة الخميرة (عجينة البيتزا، عجينة الفطائر، عجينة المعجنات، عجينة الخُبز) ودور وفائدة كل عنصر.
مكونات العجينة:
طحين (دقيق)، سوائل، خميرة، ملح، سكر، دهون، وأحيانا بيض
الطحين (الدقيق):
الطحين عنصر أساسي من مكونات العجينة، وهو الذي يعطي العجينة قوامها. فالطحين يحتوي على مادة الجلوتن. وعندما نخلط الجلوتن مع السوائل (الماء، الحليب) ونعجن، يتشكل ويمتد الجلوتن مما يُكسب العجينة بنية متينة مطاطية يمكنها التمدد والتقلص. وهذا مهم جداً لأنه ما يُمَكن العجينة من الأمتداد للاحتفاظ بالغازات التي تنتجها الخميرة وتخزينها بين مسمات العجينة مما يؤدي إلى انتفاخ العجبنة. والنتيجة أننا نحصل على ما نسميه "عجينة مخمرة".
ليست كل أنواع الطحين تحتوي على نفس النسبة من الجلوتن. لذلك فإن اختيار الطحين المناسب من أهم الأمور التي يجب الانتباه إليها عند تحضير العجينة للحصول على النتائج التي نريدها. فالطحين الأبيض يحتوي على أكبر قدر من الجلوتن وبالتالي العجينة المحضّرة بالطحين الأبيض ترتفع أكثر من غيرها. أما دقيق الأرز أو دقيق الذرة (النشا) فكلاهما لا يحتوي على الجلوتن. وإذا استخدمنا الطحين الأسمر أو الكامل فيجب أن نتذكر أنهما بحاجة إلى كمية سوائل أكثر من الطحين الأبيض للحصول على عجينة لينة.
إن مقدار الطحين الذي تتطلبه العجينة يتغير وفقا لدرجة حرارة الهواء والرطوبة. لذلك من الصعوبة تحديد مقدار الطحين بدقة حيث أن المقدار المناسب يختلف من بلد وآخر وبين فصل وآخر. فالحرارة والرطوبة في الصيف غير تلك التي في فصل الشتاء. فإن كانت الوصفة التي تتبعينها تعطيك مدى لمقدار الطحين المطلوب، عند تحضير العجينة استعمالي الحد الأدنى وخلال عملية العجن أضيفي طحين حسب الحاجة. إن كانت الوصفة تعطيك مقدار دقيق للطحين، عند تحضير العجينة استعمالي بالبداية مقداراً أقل بقليل من المقدار المحدد وخلال عملية العجن أضيفي طحين حسب الحاجة.
تكون كمية الطحين المضافة للعجين كافية عندما تخف لزوجة العجين ودرجة التصاقه (لاحظي أنني كتبت "تقل اللزوجة" وليس بأن العجين تصبح "غير لزجة أو غير لاصقة"). يجب الحرص على عدم إضافة طحين أكثر من الحاجة حيث أنه عندها سوف تحصلين على عجينة كثيفة وغير هشة.
السوائل:
السوائل عنصر أساسي آخر لا يمكن الاستغناء عنه. فالسوائل توفر الوسيلة التي تمكن الجلوتن من التكون، كما أن السوائل توفر البيئة الملائمة للخميرة لتنمو وتتكاثر. بدون سوائل، لا توجد عجينة!
والسوائل المستخدمة يمكن أن تكون ماء، أو حليب، أو مزيج من الاثنين. الحليب يعطي العجينة ليونة ويجعلها طرية. كما أن الحليب يحتوي على اللاكتوز مما يضيف بعض الحلاوة للعجينة. بالنسبة للماء، البعض يقول أن العجينة المحضرة بماء الحنفية (الصنبور) يعطي عجينة أفضل من العجينة المحضرة بالماء اللين (أي الماء المعالج المنزوع أملاحة)، شخصيا جربت تحضير العجينة باستخدام الماء العادي والماء المعالج ولم أجد أي فرق يُذكر.
الشيء المهم الذي يجب أن نتذكره هو أن السائل المستخدم يجب أن يكون فاتراً. وبالفاتر أقصد أن السائل يجب أن لا يكون بارداً ولا حاراً. للتأكد من أن حرارة السائل مناسبة نضع إصبعنا في السائل فإذا كانت حرارة السائل مماثلة لحرارة أصبعنا أو أدفى منه بقليل تكون الحرارة ملائمة. هذا مهم حيث أنه إن كان السائل حاراً فقد يقتل الخميرة وبالتالي لن تتخمر العجينة وترتفع. لو كان السائل بارداً فذلك لن يقتل الخميرة ولكنه لن يوفر البيئة الملائمة مئة بالمئة لنمو الخميرة، وبالتالي ستحتاج العجينة لوقت أطول لتتخمر. لهذا السبب عندما تشكين بأن حرارة السائل أحمى من اللزوم، قومي دائماً بتبريد السائل قليلاً.
الخميرة:
الخميرة عبارة عن فطريات حية تبدأ بالنمو والتكاثر إذا توفرت لها البيئة الملائمة من دفء ورطوبة وغذاء. عندما تنمو الخميرة تنتج غازات، وهذه الغازات تخزنها العجينة بفضل الجلوتن الذي يعطي العجينة خاصية التمدد والإرتفاع.
السوائل المستخدمة في وصفة العجينة توفر البيئة الرطبة التي تحتاجها الخميرة. وطبعاً إن كان السائل دافئ فهذا يوفر بيئة أفضل للخميرة لتنمو وتتكاثر بشكل أسرع. إذا كان السائل بارداً، فسوف تحتاج الخميرة لوقت أطول لتنمو. أما إذا كان السائل حاراً فإن ذلك قد يقتل الخميرة وبالتالي لن تتخمر العجينة.
أما السكر الذي نضيفه للعجينة فهو الطعام الذي تتغذى عليه الخميرة. ولذلك نخلط السكر مع السائل الدافئ الذي نضيفه للخميرة.
بمجرد أن نضع العجينة في الفرن للخبز، فإن الخميرة التي في العجين تموت ولكن العجينة تبقى منتفخة وهشة وذلك بفضل الجلوتن في العجينة.
هناك أنواع مختلفة من الخميرة: فهناك الخميرة الجافة الفورية، وهناك الخميرة الطازجة. على الرغم من أن الإرشادات على عبوة الخميرة الفورية تقول أنه لا حاجة لخلط الخميرة الفورية مع السائل قبل إضافتها للطحين، إلا أنني دائماً أفضل أن أخلطهم لأتأكد من أن الخميرة جيدة وحية.
السكر:
السكر يوفر الغذاء للخميرة مما يمكنها من النمو والتكاثر. كما أن السكر يضيف بعض الحلاوة للعجين.
إذا كنت تخططين لإعداد عجينة حلوة، توخي الحذر من كمية السكر المستخدمة، حيث أن السكر إن زاد كثيراً يؤثر سلبياً على تشكل الجلوتن. إن نسبة السكر إلى الطحين لا يجب أن تزيد عن ١/٢ كوب من السكر لكل ٤ كوب من الطحين.
الملح:
الملح يضيف نكهة للعجينة المخبوزة كما أنه يقلل من لزوجة العجينة والتصاقها.
الملح أيضاً يحّد من نمو وتكاثر الخميرة. وذلك مهم لضمان أن الخميرة لا تنمو وتتكاثر لدرجة أنها تفرز غازات بكميات كبيرة لا تتمكن بنية العجينة من تحملها. بسبب خاصية الملح هذه، يجب علينا تجنب خلط الملح مع السائل الذي نضيف إليه الخميرة.
إن إضافة الكثير من الملح إلى العجينة قد يؤدي إلى عدم تخمر العجينة وبالتالي عدم ارتفاعها فنحصل على عجينة كثيفة بعد الخبز. في حين إن أضفنا القليل جداً من الملح ، فالعجينة سترتفع أكثر من اللازم.
الدهون:
الدهون ليست من المكونات الأساسية ويمكن تحضير العجينة بدون استخدامها. بالعادة تُضاف الدهون لإعطاء العجينة نكهة طيبة ولأن الدهون تَمُد من حياة العجينة حيث أنها تُحافظ على بقاء العجينة طازجة لفترة أطول.
يمكن استعمال العديد من الدهون لتحضير العجينة بما فيها الزيت، والزبدة، والسمن، والمارجرين ...
يجب الانتباه لكمية الدهون التي نستخدمها لتحضير العجينة حيث أن الدهون، مثل السكر، إن زادت كثيراً تؤثر سلبياً على تشكل الجلوتن وبالتالي إذا أضفنا الكثير من الدهون، فالعجينة لن ترتفع كثيراً.
البيض:
البيض أيضاً من المكونات الإضافية الغير ضرورية ويمكن تحضير العجينة بدون استخدامها.
عند إضافة البيض إلى العجين، فإنها (مثل الجلوتن) تقوي من متانة العجينة وتساعدها على تخزين الغازات التي تفرزها الخميرة. بالتالي البيض يساعد العجينة على الارتفاع أكثر. إذا أردنا استخدام نوع من الطحين فيه الجلوتن قليل، قد نرغب في إضافة البيض إلى المكونات حتى نزيد من متانة العجين وخاصية التمدد.
كما أن البيض يطري العجينة أثناء الخبز.
هناك مكونات إضافية أخرى غير أساسية يمكن أن نضيفها عند تحضير العجينة لإعطاء العجين نكهة خاصة محببة مثل: الأعشاب، التوابل، المكسرات، الزيتون، الجبن، الثوم، أو الفواكه المجففة.
إذا كنت تريدين تعلم كيفية عمل العجينة؟ أو طريقة عمل الخبز المنزلي؟ أو طريقة عمل عجينة البيتزا؟ أو طريقة عمل عجينة الفطائر؟ من المهم جداً معرفة المكونات المختلفة التي نستخدمها لتحضير العجينة ودور كل واحد من هذه المكونات وتأثيره على العجينة. إن ذلك سوف يساعدك على معرفة وتحديد وصفات العجينة التي تلبي احتياجات ورغباتك. كما أنها تُمكنك من معرفة إن كانت المقادير المذكورة في الوصفة ملائمة أم لا.
الخطوة التالية بعد معرفة المكونات ودورها، هو معرفة التقنيات المختلفة المتبعة أثناء تحضير العجينة للحصول على أفضل عجينة وهو ما سوف أغطيه في الجزء الثاني من طريقة عمل العجينة.
وهذه هي مقالة اليوم من فتوش: طريقة عمل العجينة، الجزء الأول.
هل وجدتم مقال اليوم مفيداً؟ هل تحبون ان أنشر مقالات شبيهة أكثر، أم تفضلون الوصفات؟
Press link for Tips: Great Dough, Part 1 in English